segunda-feira, 15 de dezembro de 2014

كم عدد المدنيين الذين قتلوا في غزة؟


إن موت أي إنسان بريء بشكل عنيف يشكل مأساة بحد ذاتها، حتى لو كان القتل غير متعمّد وضمن قوانين الحرب. وللأسف، من شبه المؤكد أن قطاع غزة شهد المئات من هذه المآسي في النزاع الأخير. إلا أن آراء المحللين تتفاوت بدرجة كبيرة حول عدد الضحايا الفلسطينيين الذين كانوا في الحقيقة من المدنيين.

تتفاقم هذه التناقضات بسبب المصادر الذاتية للمعلومات والتحقيقات الصحفية المنحازة أو الخاضعة للترهيب، فضلاً عن "ضباب الحرب" المعتاد. على سبيل المثال، استغرق الأمر حوالي عامين - بعد المواجهة العسكرية الكبيرة السابقة بين «حماس» وإسرائيل، بين كانون الأول/ديسمبر 2008 و كانون الثاني/يناير 2009 - لكي يعترف وزير الداخلية في حكومة «حماس» فتحي حمد بأن حوالي نصف الضحايا الفلسطينيين الذين بلغ عددهم بين 1200 و1400 قتيل في ذلك الصراع، كانوا من المقاتلين. وكان ذلك مخالفاً تماماً لتقارير «حماس» السابقة وادعاءات وسائل الإعلام الدولية. وبالمثل، في أعقاب ذلك الصراع وعملية "الدرع الواقي" في عام 2002، تم في وقت لاحق التشكيك في موثوقية العدد الأولي للوفيات المدنية الذي قدمه "المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان"، حتى إن ذلك العدد قد سُحب، كما ورد في مقالة نشرتها سيمونا واينغلاس في مجلة "نيو ريپبليك" بتاريخ 6 أيار/مايو 2009.

وفي الجولة القتالية الأخيرة، أعطى المسؤولون الإعلاميون في «حماس» تعليمات واضحة باعتبار كل ضحية "مواطن بريء"، بغض النظر عن الحقائق. ففي 17 تموز/يوليو، نشرت وزارة الداخلية في حكومة «حماس» شريط فيديو وردت فيه التعليمات التالية: "من قُتل أو استشهد يحمل صفة مواطن من غزة من فلسطين، قبل أن نتحدث عن مكانه الجهادي أو رتبته العسكرية. لا تنسى أن تضيف دوماً "مواطن بريء" أو "innocent citizen"  لتصف الذين قتلوا في العدوان على غزة بعد الغارة الإسرائيلية ". إلى جانب ذلك، بثت "قناة الأقصى الفضائية" في غزة هذا الإعلان الجدير بالملاحظة في 10 آب/أغسطس: "حتى المجاهدون في ساحة المعركة هم في الواقع مدنيون فلسطينيون يؤدون واجباتهم الدينية والوطنية. لذا، نقول "سيارة مدنية"، أو "هدف مدني" وهلم جرا، لأنه ليس لدينا جيش نظامي ولا أهداف عسكرية حقيقية، كما يحاول الإحتلال أن يدّعي في حملته الدعائية" (كما ذكرت مجموعة "مراقبة الإعلام الفلسطيني").

يُشار إلى أن مثل هذه التلاعبات اللغوية تُذكّر بالقول المأثور الإنجليزي الأمريكي العظيم: "هناك ثلاثة أنواع من الأكاذيب: الأكاذيب، والأكاذيب اللعينة، والإحصائيات". أو بصريح العبارة، وفق ما خلص إليه رئيس الإحصائيات في القناة البريطانية الإخبارية "بي بي سي نيوز" في 11 آب/أغسطس، "من الصعب أن نحدد في هذه المرحلة على وجه اليقين عدد المدنيين والمقاتلين من القتلى المدنيين في غزة".


تباين جديد في عدد الوفيات المدنيين

وفقاً لوكالة "معاً" الإخبارية، في 18 آب/ أغسطس، أصدرت «حماس» بياناً أشارت فيه إلى أنه من بين ضحايا الحرب الذين يبلغ عددهم 2016 قتيلاً، كان 44 بالمائة منهم من النساء أو الأطفال أو الرجال الكبار في السن. إلا أنه وفي اليوم نفسه، يبدو أن أحدث تقرير صدر عن "مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية"، المرتكز أيضاً بشكل أولي على ما يبدو على تقارير صادرة عن وزارة الصحة في حكومة «حماس»، أفاد بأن 72 بالمائة من القتلى هم من المدنيين. وقد حذر تقرير "مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية" من أن "البيانات حول الوفيات وتدمير الممتلكات ... تقوم على معلومات أولية، وقد تخضع للتغيير بناءً على مزيد من التحقق"، معترفاً بذلك بصعوبة تقييم إنتماءات الذين قتلوا خلال الشهر الماضي. وبالإضافة إلى ذلك، أخبر ممثل عن "مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان" مؤخراً شبكة الـ "بي بي سي" بأن جهود الوكالة "تركزت بشكل أساسي على تسجيل الضحايا"، وليس تحديد إن كانوا من المدنيين أو المقاتلين.

وفي سياق منحرف مشابه، أعلن "المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان" أن عدد القتلى المدنيين بلغ 1670، أي ما يمثل 83 بالمائة من إجمالي عدد الوفيات. وعلى عكس ذلك، ذكر "جيش الدفاع الإسرائيلي" أن عدد الوفيات من بين المقاتلين بلغ 1068، أي غالبية إجمالي القتلى، مما يعني أن معدل القتلى المدنيين هو أقل من 50 بالمائة ووقوع خسارة قتالية كبيرة في صفوف مقاتلي «حماس».

ويُعزى هذا الاختلاف الكبير في هذه الأعداد بشكل جزئي إلى صعوبة أساسية في أي من هذه الحسابات، وهي التعريف. فوفقاً لتقرير وكالة أنباء "اسوشيتيد برس" الأمريكية الصادر في 8 آب/أغسطس من قبل كارين لوب ويسر الحلو، يعرّف "المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان" بأن المدني هو "أي شخص لا يشارك بشكل فعّال في عملية عسكرية ... بمن فيهم مقاتل من «حماس» لقي مصرعه في منزله بينما كان يأخذ استراحة". وعلى عكس ذلك، يبدو أن تعريف "جيش الدفاع الإسرائيلي" للمدنيين هو أضيق، إذ يعتبر أنهم أولئك غير المنضمين إلى المنظمات العسكرية أو الإرهابية. ويُذكر أن المنظمة الإسرائيلية لمراقبة حقوق الإنسان، "بتسيلم"، التي غالباً ما تنتقد الحكومة، تُعّرف المدنيين بشكل ديموغرافي على أنهم "النساء، والأطفال، والرجال الذين تبلغ أعمارهم أكثر من ستين عاماً". ومما لا يثير الدهشة، أنه في حين يعلن "المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان" أن 83 بالمائة من جميع الضحايا كانوا من المدنيين، لم تتحدث منظمة "بتسيلم" سوى عن نصف تلك النسبة، أي حوالي 40 بالمائة.
يُشار إلى أن هذه النسبة الأخيرة تتماشى تقريباً مع تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" في 5 آب/أغسطس، الذي بيّن أن ثلث القتلى المعروفة أعمارهم كانوا من النساء أو الأطفال دون سن الخامسة عشرة. وعلى العكس من ذلك، أظهرت البيانات التي تم تحليلها في سياق التقرير زيادة هائلة في تمثيل الرجال الذين تتراوح أعمارهم ما بين عشرين وتسعة وعشرين عاماً، ومن المرجح أن يكون معظمهم من المقاتلين. أي أن هذه الفئة من السكان تشكل 9 بالمائة فقط من سكان قطاع غزة، ولكن 34 بالمائة من الوفيات.
التطلع للمرحلة القادمة
في نهاية المطاف، لا يمكن لعدد الضحايا المدنيين من الجانبين أو نسبتهم فقط تحديد الصواب من الخطأ، أو حتى قدر المسؤولية المترتبة عن مذبحة بهذا الحجم. ومع ذلك، يتطلب الوضع، كحد أدنى، تقييماً للادعاءات المتضاربة حول حجم تلك الخسائر. وفي هذه الحالة، ووفق أي تقدير، فإن عدة مئات من المدنيين الفلسطينيين على الأقل قد قتلوا في خضم المعركة. إنها مأساة فعلاً. إلا أن نظرة فاحصة على الأدلة تشير حتى الآن إلى أن مئات من الوفيات الأخرى - ربما نحو نصف العدد الإجمالي، كما حدث بين عامي 2008 و2009 - لم يكونوا من المدنيين على الإطلاق، بل من مقاتلي «حماس» وغيرها من الجماعات المتشددة.
ولا بد من الإشارة هنا إلى أهمية هذا الأمر، ليس فقط من أجل الحكم عند استعادة الأحداث، ولكن أيضاً لكي يشكّل مرجعاً في المستقبل، لا سيما فيما يتعلق بمواصلة تقليص عدد الضحايا المدنيين في حال اندلاع جولة أخرى من القتال. ويشير التحليل الوارد أعلاه إلى أنه لا يجب أن يشكل هذا الأمر هدفاً ميؤوساً منه كما يظن البعض، على الرغم من الظروف المزدحمة جداً في غزة. إن الفصل الصارم بين المواقع العسكرية والمدنية (كما حددها جيفري وايت في المرصد السياسي 2305 بتاريخ 13 آب/أغسطس بعنوان، "ستة طرق يمكن لـ «حماس» أن تحد بواسطتها من عدد الضحايا المدنيين في غزة")، وفي المقابل وضع قواعد صارمة للاشتباك العسكري، يمكن أن يؤديان إلى تخفيض الخطر على المدنيين بنسبة أكبر. وفي هذا السياق، يتوجب على المسؤولين الفلسطينيين أن يحثوا المدنيين على الاصغاء إلى التحذيرات الإسرائيلية بإخلاء المناطق المستهدفة بدلاً من حثهم على "المقاومة". وبطبيعة الحال، إن أفضل سبيل لمنع سقوط ضحايا من أي نوع هو عدم شن حرب في المقام الأول.
تباين جديد في عدد الوفيات المدنيين
وفقاً لوكالة "معاً" الإخبارية، في 18 آب/ أغسطس، أصدرت «حماس» بياناً أشارت فيه إلى أنه من بين ضحايا الحرب الذين يبلغ عددهم 2016 قتيلاً، كان 44 بالمائة منهم من النساء أو الأطفال أو الرجال الكبار في السن. إلا أنه وفي اليوم نفسه، يبدو أن أحدث تقرير صدر عن "مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية"، المرتكز أيضاً بشكل أولي على ما يبدو على تقارير صادرة عن وزارة الصحة في حكومة «حماس»، أفاد بأن 72 بالمائة من القتلى هم من المدنيين. وقد حذر تقرير "مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية" من أن "البيانات حول الوفيات وتدمير الممتلكات ... تقوم على معلومات أولية، وقد تخضع للتغيير بناءً على مزيد من التحقق"، معترفاً بذلك بصعوبة تقييم إنتماءات الذين قتلوا خلال الشهر الماضي. وبالإضافة إلى ذلك، أخبر ممثل عن "مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان" مؤخراً شبكة الـ "بي بي سي" بأن جهود الوكالة "تركزت بشكل أساسي على تسجيل الضحايا"، وليس تحديد إن كانوا من المدنيين أو المقاتلين.
وفي سياق منحرف مشابه، أعلن "المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان" أن عدد القتلى المدنيين بلغ 1670، أي ما يمثل 83 بالمائة من إجمالي عدد الوفيات. وعلى عكس ذلك، ذكر "جيش الدفاع الإسرائيلي" أن عدد الوفيات من بين المقاتلين بلغ 1068، أي غالبية إجمالي القتلى، مما يعني أن معدل القتلى المدنيين هو أقل من 50 بالمائة ووقوع خسارة قتالية كبيرة في صفوف مقاتلي «حماس».
ويُعزى هذا الاختلاف الكبير في هذه الأعداد بشكل جزئي إلى صعوبة أساسية في أي من هذه الحسابات، وهي التعريف. فوفقاً لتقرير وكالة أنباء "اسوشيتيد برس" الأمريكية الصادر في 8 آب/أغسطس من قبل كارين لوب ويسر الحلو، يعرّف "المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان" بأن المدني هو "أي شخص لا يشارك بشكل فعّال في عملية عسكرية ... بمن فيهم مقاتل من «حماس» لقي مصرعه في منزله بينما كان يأخذ استراحة". وعلى عكس ذلك، يبدو أن تعريف "جيش الدفاع الإسرائيلي" للمدنيين هو أضيق، إذ يعتبر أنهم أولئك غير المنضمين إلى المنظمات العسكرية أو الإرهابية. ويُذكر أن المنظمة الإسرائيلية لمراقبة حقوق الإنسان، "بتسيلم"، التي غالباً ما تنتقد الحكومة، تُعّرف المدنيين بشكل ديموغرافي على أنهم "النساء، والأطفال، والرجال الذين تبلغ أعمارهم أكثر من ستين عاماً". ومما لا يثير الدهشة، أنه في حين يعلن "المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان" أن 83 بالمائة من جميع الضحايا كانوا من المدنيين، لم تتحدث منظمة "بتسيلم" سوى عن نصف تلك النسبة، أي حوالي 40 بالمائة.
يُشار إلى أن هذه النسبة الأخيرة تتماشى تقريباً مع تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" في 5 آب/أغسطس، الذي بيّن أن ثلث القتلى المعروفة أعمارهم كانوا من النساء أو الأطفال دون سن الخامسة عشرة. وعلى العكس من ذلك، أظهرت البيانات التي تم تحليلها في سياق التقرير زيادة هائلة في تمثيل الرجال الذين تتراوح أعمارهم ما بين عشرين وتسعة وعشرين عاماً، ومن المرجح أن يكون معظمهم من المقاتلين. أي أن هذه الفئة من السكان تشكل 9 بالمائة فقط من سكان قطاع غزة، ولكن 34 بالمائة من الوفيات.
التطلع للمرحلة القادمة
في نهاية المطاف، لا يمكن لعدد الضحايا المدنيين من الجانبين أو نسبتهم فقط تحديد الصواب من الخطأ، أو حتى قدر المسؤولية المترتبة عن مذبحة بهذا الحجم. ومع ذلك، يتطلب الوضع، كحد أدنى، تقييماً للادعاءات المتضاربة حول حجم تلك الخسائر. وفي هذه الحالة، ووفق أي تقدير، فإن عدة مئات من المدنيين الفلسطينيين على الأقل قد قتلوا في خضم المعركة. إنها مأساة فعلاً. إلا أن نظرة فاحصة على الأدلة تشير حتى الآن إلى أن مئات من الوفيات الأخرى - ربما نحو نصف العدد الإجمالي، كما حدث بين عامي 2008 و2009 - لم يكونوا من المدنيين على الإطلاق، بل من مقاتلي «حماس» وغيرها من الجماعات المتشددة.
ولا بد من الإشارة هنا إلى أهمية هذا الأمر، ليس فقط من أجل الحكم عند استعادة الأحداث، ولكن أيضاً لكي يشكّل مرجعاً في المستقبل، لا سيما فيما يتعلق بمواصلة تقليص عدد الضحايا المدنيين في حال اندلاع جولة أخرى من القتال. ويشير التحليل الوارد أعلاه إلى أنه لا يجب أن يشكل هذا الأمر هدفاً ميؤوساً منه كما يظن البعض، على الرغم من الظروف المزدحمة جداً في غزة. إن الفصل الصارم بين المواقع العسكرية والمدنية (كما حددها جيفري وايت في المرصد السياسي 2305 بتاريخ 13 آب/أغسطس بعنوان، "ستة طرق يمكن لـ «حماس» أن تحد بواسطتها من عدد الضحايا المدنيين في غزة")، وفي المقابل وضع قواعد صارمة للاشتباك العسكري، يمكن أن يؤديان إلى تخفيض الخطر على المدنيين بنسبة أكبر. وفي هذا السياق، يتوجب على المسؤولين الفلسطينيين أن يحثوا المدنيين على الاصغاء إلى التحذيرات الإسرائيلية بإخلاء المناطق المستهدفة بدلاً من حثهم على "المقاومة". وبطبيعة الحال، إن أفضل سبيل لمنع سقوط ضحايا من أي نوع هو عدم شن حرب في المقام الأول.

Nenhum comentário:

Postar um comentário